في عالم كرة القدم، هناك لاعبين يمرّون مرور الكرام، وهناك من يتركون بصمة خالدة لا تُمحى من ذاكرة الجماهير. أوليفر كان لم يكن مجرد حارس مرمى، بل كان أسطورة حية، مقاتلًا شرسًا، وقائدًا بالفطرة، استطاع بقبضتيه الحديديتين وصرخاته الحماسية أن يكتب اسمه بحروفٍ من ذهب في تاريخ الكرة العالمية.
البداية.. من طفل موهوب إلى عملاق بين الخشبات الثلاث
وُلد أوليفر كان في 15 يونيو 1969 في ألمانيا، ونشأ في عائلة عاشقة لكرة القدم. بدأ رحلته في عالم المستديرة مع نادي كارلسروه، حيث لفت الأنظار بمهاراته الاستثنائية، وردود فعله السريعة التي جعلته يتفوق على العديد من الحراس في سنٍ مبكرة.
لكن كان يعلم أن طموحه أكبر من كارلسروه، وأن قدره يتجه به نحو القمة. وفي عام 1994، جاءت اللحظة الفارقة في حياته عندما انتقل إلى بايرن ميونخ، ليبدأ الفصل الأعظم في أسطورة “البركان”.
بايرن ميونخ.. حيث صُنع المجد
منذ لحظة وصوله إلى بايرن، لم يكن كان مجرد حارس مرمى، بل كان درعًا حصينًا للفريق. امتلك شخصية قيادية فريدة، وكان أشبه بجنرالٍ عسكري يوجه لاعبيه بكل حزم. صرخاته في الملعب كانت تهز أرجاء الأليانز أرينا، وعيناه المتقدتان كالنار تعكسان عزيمة لا تنكسر.
خلال 14 عامًا مع العملاق البافاري، حصد كل الألقاب الممكنة، لكن الإنجاز الأهم كان في 2001، عندما قاد بايرن ميونخ للفوز بدوري أبطال أوروبا بعد مواجهة ملحمية أمام فالنسيا. في ركلات الترجيح، وقف كان كجدارٍ منيع، وتصدى لركلتين ليمنح فريقه اللقب الأوروبي الأغلى. حينها، ركض نحوه زملاؤه، لكن ملامحه لم تتغير.. كان يعلم أنه لم يكن مجرد فوز، بل تتويج لمسيرة مليئة بالكفاح والصبر.
أسطورة كأس العالم 2002.. عندما ينهض العمالقة رغم الخسارة
مع منتخب ألمانيا، كانت قصة كان لا تقل إثارة. بلغ قمة مجده في كأس العالم 2002، حيث حمل على عاتقه أحلام الألمان، وتصدى لهجمات أقوى المنتخبات، حتى قاد فريقه إلى النهائي أمام البرازيل. ورغم إصابته خلال المباراة، أصرّ على إكمالها، لكنه لم يستطع إيقاف الظاهرة رونالدو، الذي سجل هدفين ليحرم ألمانيا من اللقب.
لكن رغم الخسارة، لم يكن هناك أي شك في أن كان كان أفضل لاعب في البطولة، بل إنه أصبح أول حارس مرمى في التاريخ يفوز بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في كأس العالم، وهو إنجاز لم يتكرر حتى اليوم.
إنجازاته وبطولاته
مع بايرن ميونخ
• الدوري الألماني (البوندسليغا): 🏆 8 مرات (1997، 1999، 2000، 2001، 2003، 2005، 2006، 2008)
• كأس ألمانيا: 🏆 6 مرات (1998، 2000، 2003، 2005، 2006، 2008)
• كأس الدوري الألماني: 🏆 6 مرات (1997، 1998، 1999، 2000، 2004، 2007)
• دوري أبطال أوروبا: 🏆 مرة واحدة (2001)
• كأس الإنتركونتيننتال: 🏆 مرة واحدة (2001)
• كأس الاتحاد الأوروبي: 🏆 مرة واحدة (1996)
مع منتخب ألمانيا
• كأس العالم: 🥈 وصيف البطل (2002)
• كأس أمم أوروبا (يورو 1996): 🏆 بطل البطولة
الجوائز الفردية
• أفضل لاعب في كأس العالم: 🥇 2002 (أول حارس مرمى يفوز بهذه الجائزة)
• أفضل حارس في العالم من الفيفا: 🏅 3 مرات (1999، 2001، 2002)
• أفضل حارس في أوروبا: 🏅 4 مرات (1999، 2000، 2001، 2002)
• أفضل لاعب في ألمانيا: 🏅 مرتين (2000، 2001)
• أفضل حارس في دوري أبطال أوروبا: 🏅 مرتين (2001، 2002)
• جائزة أفضل حارس مرمى في التاريخ (IFFHS): 🏅 المركز الثالث في تصنيف القرن العشرين
نهاية المشوار.. وبداية فصل جديد
في عام 2008، وبعد مسيرة ملحمية، قرر أوليفر كان تعليق قفازيه، تاركًا خلفه إرثًا لا يُنسى. لكنه لم يبتعد عن عالم كرة القدم، فقد أصبح محللًا رياضيًا، ثم مسؤولًا في بايرن ميونخ، حتى تولى منصب الرئيس التنفيذي للنادي في 2021، لكنه غادر المنصب في 2023.
رغم مرور السنوات، لا يزال كان يُذكر كواحدٍ من أعظم الحراس في التاريخ. ليس فقط بألقابه أو تصدياته، بل بروحه القتالية، وشخصيته الفريدة، وإرادته الصلبة التي جعلت منه أسطورة خالدة في عالم كرة القدم.
أوليفر كان.. البركان الذي لن يخمد أبدًا.